شهد مجلس النواب العراقي في الآونة الأخيرة إقرار قانون العفو العام، وهو قانون طال انتظاره وأثار جدلًا واسعًا بين الأوساط الشعبية والسياسية. الهدف من القانون هو التخفيف من الضغط على السجون العراقية، وإعادة النظر في بعض القضايا الجنائية والمدنية، وإعطاء فرصة للمصالحة الوطنية، خصوصًا فيما يتعلق بالجرائم ذات الطابع المالي والإداري.

ما هو قانون العفو العام؟
قانون العفو العام هو تشريع يمنح تخفيفًا أو إلغاءً للعقوبات على بعض الجرائم، وفق شروط محددة. يهدف القانون إلى تحقيق العدالة الاجتماعية والمصالحة الوطنية من خلال تسوية بعض القضايا الجنائية والمدنية. وقد تم تعديله بناءً على توصيات من القضاء العراقي لضمان تحقيق العدالة وعدم الإضرار بحقوق الضحايا أو المال العام.
الفئات المشمولة بقانون العفو العام
وفقًا لتصريحات اللجنة القانونية النيابية ووزارة العدل العراقية، فإن القانون يشمل الفئات التالية:
1. الجرائم المتعلقة بهدر المال العام وسرقته
يشمل القانون مرتكبي الجرائم المالية والإدارية بشرط إعادة الأموال المسروقة بالكامل إلى خزينة الدولة.
المتورطون في قضايا فساد مالي، بما في ذلك ما يعرف بـ”سرقة القرن”، يمكنهم الاستفادة من العفو بشرط إعادة الأموال المنهوبة.
الهدف من شمول هذه الفئة هو استرجاع المال العام وتقليل العبء على النظام القضائي.
2. الجرائم ذات الطابع الشخصي
الجرائم التي تتعلق بحقوق شخصية، مثل القضايا المدنية والجنائية التي يمكن أن تُحل عبر التنازل الشخصي من الطرف المتضرر.
يشترط الحصول على تنازل خطي وصريح من الضحية أو عائلتها ليتم شمول المتهم بالعفو.
3. القضايا الخفيفة
يشمل القانون الجرائم البسيطة غير المتعلقة بالعنف أو الإضرار الجسيم بالمجتمع، مثل قضايا الشيكات بدون رصيد أو الديون الصغيرة.
الفئات غير المشمولة بقانون العفو العام
رغم الشمول الواسع، فإن القانون يستثني بعض الجرائم الخطيرة التي تؤثر على الأمن الوطني والنسيج الاجتماعي. وتشمل:
1. الجرائم الإرهابية
كل من ارتكب جرائم إرهابية أو ساعد في تنفيذ عمليات تهدد الأمن القومي.
2. القتل العمد
الجرائم التي تتعلق بالقتل العمد أو الشروع في القتل، باستثناء الحالات التي يتم فيها التنازل الشخصي من ذوي الضحية.
3. تجارة المخدرات والأعضاء البشرية
يُستثنى المتورطون في قضايا المخدرات وتجارة الأعضاء البشرية، نظرًا للآثار السلبية الكبيرة لهذه الجرائم على المجتمع.
4. سرقة الآثار والاتجار بها
جميع القضايا المتعلقة بسرقة الآثار أو الاتجار بها، والتي تعد من الجرائم الكبرى ضد الإرث الثقافي العراقي.
5. الجرائم الأخلاقية
الجرائم المتعلقة بالشرف والأخلاق، مثل زنا المحارم، هي جرائم غير مشمولة بالعفو نظرًا لطبيعتها الحساسة والمرفوضة اجتماعيًا.
شروط تطبيق قانون العفو العام
للاستفادة من القانون، يجب توافر الشروط التالية:
إعادة الأموال العامة المسروقة بالكامل في الجرائم المالية.
تقديم تنازل صريح من المتضررين في الجرائم الشخصية.
الالتزام بجميع الإجراءات القانونية المطلوبة لتسوية القضايا.
التأكد من أن القضية لا تندرج ضمن الفئات المستثناة من العفو.
كيفية الاستعلام عن الشمول بقانون العفو العام
أتاحت الجهات الرسمية العراقية إمكانية الاستعلام عن الشمول بقانون العفو العام من خلال الخطوات التالية:
زيارة موقع وزارة العدل العراقية:
الدخول إلى البوابة الإلكترونية لوزارة العدل.
تقديم البيانات الشخصية:
إدخال المعلومات المطلوبة مثل الاسم الكامل ورقم القضية.
التحقق من الأهلية:
الاطلاع على نتيجة الطلب لمعرفة ما إذا كانت القضية مشمولة بالعفو أم لا.
رابط وزارة العدل العراقية: https://moj.gov.iq
الجدل حول القانون وتأثيره
لاقى قانون العفو العام ردود فعل متباينة بين العراقيين. فهناك من يرى أنه خطوة إيجابية نحو استعادة المال العام وحل القضايا العالقة، فيما يعارضه آخرون خوفًا من استغلاله للإفلات من العقاب.
مؤيدو القانون:
يعتقدون أنه يسهم في تخفيف الضغط على السجون العراقية.
يتيح فرصة لإعادة دمج بعض الأفراد في المجتمع.
يشجع استرجاع الأموال العامة المنهوبة.
معارضو القانون:
يرون أنه قد يؤدي إلى تهاون في تطبيق العدالة.
قد يُستغل من قبل بعض الشخصيات المتورطة في قضايا فساد كبرى.
رؤية مستقبلية لقانون العفو العام
يُتوقع أن يكون قانون العفو العام خطوة مهمة نحو تعزيز العدالة الاجتماعية وإعادة بناء الثقة بين المواطنين والدولة. ومع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو ضمان التطبيق العادل للقانون، بحيث لا يُستخدم كذريعة للإفلات من العقاب على الجرائم الكبرى.
ختامًا، يعكس قانون العفو العام رغبة العراق في تحقيق التوازن بين العدالة والمصالحة، إلا أن نجاحه يعتمد على التطبيق الشفاف والتزام الجهات المعنية بضمان حقوق جميع الأطراف.